فصل: أخبار بني حمدان ببغداد.

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تاريخ ابن خلدون المسمى بـ «العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر» (نسخة منقحة)



.مسير المتقى إلى الموصل وولاية ناصر الدولة إمارة الأمراء.

كان ابن رائق بعد مسيره إلى ديار مضر والعواصم سار إلى الشام وملك دمشق من يد الأخشيد ثم الرملة ثم لقيه الأخشيد على عريش مصر وهزمه ورجع إلى دمشق ثم اصطلحا على أن يجعلا الرملة تخما بين الشام ومصر وذلك سنة ثمان وعشرين وثلاثمائة ثم توفي الراضي سنة تسع وعشرين وولى المتقي وقتل تحكم وجاء البريدي إلى بغداد وهرب الأتراك التحكمية إلى الموصل وفيهم توزون وجحجح ثم لحقوا بأبي بكر محمد بن رائق واستحثوه إلى العراق وغلب بعدهم على الخلافة الأتراك الديلمية وجاء أبو الحسن البريدي من واسط فأقام ببغداد أربعة وعشرين يوما أمير الأمراء ثم شغب عليه الجند فرجع إلى واسط وغلب كورتكين ثم حجر المتقي وكتب إلى ابن رائق يستدعيه فسار من دمشق في رمضان سنة تسع وعشرين واستخلف عليها أبا الحسن أحمد بن علي بن حمدان على أن يحمل إليه مائة ألف دينار وسار ابن رائق إلى بغداد وغلب كورتكين والديلمية وحبس كورتكين بدار الخلافة ثم شغب عليه الجند وبعث أبو عبد الله البريدي أخاه أبا الحسن إلى بغداد في العساكر فغلبوا عليها وهرب المتقي وابنه أبو منصور وزاد في المبرة فنثر الدراهم على ابن الخليفة وبالغ في مبرته حتى ركب للإنصراف وأمسك ابن رائق للحديث معه فاستدعاه المتقي وخلع عليه ولقبه ناصر الدولة وجعله أمير الأمراء وخلع على أخيه أبي الحسن ولقبه سيف الدولة وكان قتل ابن رائق لتسع بقين من رجب وولاية ناصر الدولة مستهل شعبان من سنة ثمانين ثم سار الأخشيدي من مصر إلى دمشق فملكها من يد عامل ابن رائق وسار ناصر الدولة مع المتقي إلى بغداد.

.أخبار بني حمدان ببغداد.

ولما قتل ابن رائق وأبو الحسن البريدي على بغداد وقد سخطه العامة والخاصة فهرب جحجح إلى المتقي وأجمع توزون وأصحابه إلى الموصل واستحثوا المتقي وناصر الدولة فأنجدوهم إلى بغداد وولى على الخراج والضياع بديار مضر وهي الرها وحران والرقة أبا الحسن علي بن خلف بن طياب وكان عليها أبو الحسن علي بن أحمد بن مقاتل من قبل ابن رائق فقاتله ابن طياب وقتله ولما قرب المتقي وناصر الدولة من بغداد هرب أبو الحسن بن البربدي إلى واسط بعد مقامه مائة يوم وعشرة أيام ودخل المتقي بغداد ومعه بنو حمدان وقلد توزون شرطة جانبي بغداد وذلك في شوال من السنة ثم سار بنو حمدان إلى واسط فنزل ناصر الدولة بالمدائن وبعث أخاه سيف الدولة إلى قتال البربدي وقد سار من واسط إليهم فقاتلوه تحت المدائن ومعهم توزون وجحجح والأتراك فانهزموا أولا ثم أمدهم ناصر الدولة بمن كان معه من المدائن فانهزم البريدي إلى واسط وعاد ناصر الدولة إلى بغداد منتصف ذي الحجة وبين يديه الأسرى من أصحاب البريدي وأقام سيف الدولة بموضع المعركة حتى اندملت جراحه وذهب وهنه ثم سار إلى واسط فلحق البريدي بالبصرة واستولى على واسط فأقام بها معتزما على اتباع البربدي إلى البصرة واستمد أخاه ناصر الدولة في المال فلم يمده وكان للأتراك عليه استطالة وخصوصا توزون وجحجح ثم جاء أبو عبد الله الكوفي بالمال من قبل ناصر الدولة ليفرقه في الأتراك فاعترضه توزون وجحجح وأراد البطش به فأخفاه سيف الدولة عنهما ورده إلى أخيه ثم ثار الأتراك بسيف الدولة سلخ شعبان فهرب من معسكره إلى بغداد ونهب سواده قتل جماعة من أصحابه وكان أبو عبد الله الكوفي لما وصل إلى ناصر الدولة وأخبره خبر أخيه أراد أن يسير إلى الموصل فركب المتقي إليه واستمهله وعاد إلى قصره فأغذ السير إلى الموصل بعد ثلاثة عشر شهرا من إمارته وثار الديلم والأتراك ونهبوا داره ولما هرب سيف الدولة من معسكره بواسط عاد الأتراك إلى معسكرهم وولوا توزون أميرا وجحجح صاحب جيش ولحق سيف الدولة ببغداد منتصف رمضان بعد مسير أخيه وبلغه خبر توزون ثم اختلف الأتراك وقبض توزون على جحجح وسمله وسار سيف الدولة ولحق بأخيه بالموصل وولى توزون إمارة الأمراء ببغداد.

.خبر عدل التحكمي بالرحبة.

كان عدل هذا مولى تحكم ثم صارمع ابن رائق واصعد معه إلى الموصل ولما قتل ابن رائق صار في جملة ناصر الدولة بن حمدان فبعثه مع علي بن خلف بن طياب إلى ديار مضر فاستولى ابن طياب عليها وقتل نائب ابن رائق وكان بالرحبة من ديار مضر رجل من قبل ابن رائق يقال له مسافر بن الحسين فامتنع بها وجبى خراجها واستولى على تلك الناحية فأرسل إليه ابن طباب عدلا التحكمي فاستولى عليها وفر مسافر عنها واجتمع التحكمية إلى عدل واستولى على طريق الفرات وبعض الخابور ثم استنصر مسافر بجمع من بني نمير وسار إلى قرقيسيا وملكها وارتجعها عدل من يده ثم اعتزم عدل على ملك الخابور وانتصر أهله ببني نمير فأعرض عدل عن ذلك حينا حتى أمنوا ثم أسرى إلى فسيح سمصاب وهي من أعظم قرى خابور فقاتلها ونقب السور وملكها ثم ملك غيرها وأقام في الخابور ستة أشهر وجبى الأموال وقوي جمعه واتسعت حاله ثم طمع في ملك بني حمدان فسار يريد نصيبين لغيبة سيف الدولة عن الموصل وبلاد الجزيرة ونكب عن الرحبة وحران لأن يأنس المؤنسي كان بها في عسكر ومعه جمع من بني نمير فحاد عنها إلى رأس عين ومنها إلى نصيبين وبلغ الخبر إلى أبي عبد الله الحسين بن سعيد بن حمدان فجمع وسار إليه فلما التقى الجمعان استأمن أصحاب عدل إلى ابن حمدان ولم يبقى معه إلا القليل فقبض عليه وسمله وبعث به مع ابنه إلى بغداد في آخر شعبان سنة إحدى وثلاثين ومائتين.